اعلم أخي المسلم أرشدني الله وإياك أن جميع الأعمال التعبدية لا تخلو من حكم مقصودة للشارع فيها وأن هذه الحكم قد تكون في بعض العبادات ظاهرة، وقد تكون في بعضها خفية غير ظاهرة، ولا يسعنا عندئذ إلا أن نقول: أمرنا الشارع ولم نطلع على الحكمة، فيجب التسليم له في ذلك.
بيد أن عدم اطلاعنا على الحكمة لا ينفي وجودها، لأن الشارع منزه عن اللعب والعبث، ولنقرأ قوله تعالى: وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين
ثم إن هناك حكمة عامة في سائر التكاليف الشرعية وهي اختبار المكلفين بما يظهر مدى طاعتهم له تعالى، ومقدار إذعانهم لأمره عز وجل ونهيه ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ومع هذا الذي تقدم فإني وضعت عقب كل منسك من مناسك الحج ما بدا لي أنه حكمة له، وقد أخطئ، فإن أصبت فمن الله والحمد لله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله لخطئي وقد أقول: حكمة كذا هي كذا.. أو الحكمة في كذا.. وأنا لا أريد الحصر أو القصر أبدا، فإذا قلت حكمة كذا هي كذا... فليس معناه أن هذه العبادة لا حكمة لها إلا ما ذكرت فقد يكون للعبادة حكم أخرى لم ألهم معرفتها، ولم أوفق للكشف عنها. وقد يكون ما جعلته حكمة غير حكمة، لأن هذا مجرد اجتهاد فقط والمجتهد يصيب ويخطئ، وحسبي من كل ذلك أني مجتهد في الموضوع. والمجتهد إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، والمسؤول الله أن يقينا الزلل وأن يعصمنا من الخطأ والخطل.